تغير سلوك المستهلك في الأزمات
لعلّ أكثر ما يتميز به القرن الحالي هو شهوده أزمات عدة على كافة الأصعدة الصحيّة والاقتصادية والسياسيّة. سواء كانت على مستوى عالمي أو محلي تؤدي إلى تغير سلوك المستهلك في الأزمات. ومما لا شك فيه هو أن تلك الأزمات كان لها أثر قد يكون سلبيًا تارة وإيجابيًا تارة على ما يسمى سلوك المستهلك. فبالطبع لا يمكن لعجلة الحياة أن تتوقف أمام أي عقبات أو أزمات ومن طبيعة البشر التأقلم السريع مع التغيرات الدائمة المستجدة حولنا. طالما عجلة الإنتاج مستمرة بالتحرك فبالتالي عجلة الاستهلاك تتبعها بنفس الوتيرة. فمن الصعب أن تجد سلعة لها معامل إنتاج دون أن يكون هناك مستهلكون لهذه السلعة أي يوجد طلب عليها فالعرض يتبع الطلب والعكس صحيح.
من هو المستهلك
المستهلك هو الشخص الأخير في سلسة الإنتاج فهو من يقوم بشراء السلعة النهائية من أماكن البيع المنتشرة، سواء كانت سلعة مادية أو خدمة. ويقوم باستهلاك تلك المنتجات والسلع بشكل شخصي أو عائلي و لا يقوم باستخدامها لأي أعمال تجارية، فيكون بذلك المستخدم الأخير للسلعة.
والمستهلك يتأثر بعدة عوامل تأثر على قراره في الشراء، وبالتأكيد سلوك المستهلك في الأزمات يختلف عنه في الواقات العادية. فلو وجد سلعة غالية الثمن ولكنه بحاجتها كالدواء مثلا فإنه سيقوم بشرائها دون المبالاة بسعرها. وذلك بسبب ضرورة وأهمية السلعة بالنسبة له إذا أهمية السلعة تلعب دوراً في رغبة المستهلك تجاه السلعة.
وهناك عوامل أخرى تغير سلوك المستهلك في الأزمات
سنذكر بعضا منها:
العوامل التي تؤثر على قرارت المستهلك عند اتخاذ قرار الشراء
- عوامل متعلقة بالمنتج أو السلعة نفسها، فمثلا طبيعة السلعة هل هي سلعة قابلة للاستخدام طويل الأمد مثلًا كالسجاد أم أنها سلعة مستهلكة كزجاجة العصير. بالإضافة إلى أن طريقة عرض المنتج وشكله يؤثر على رغبة المستهلك. عمر المنتج وتوفر معلومات عنه أيضا له أثر كبير في اتخاذ قرار الشراء.
- هناك أمر مهم جدا بالنسبة للمستهلك يؤثر بشكل كبير على الرغبة بشراء السلعة يتعلق بسعر السلعة. فالمستهلك عمومًا يبحث عن منتج ذو جودة عالية وسعر منخفض. وهناك بعض أنواع من المستهلكين لا يهتمون بالسعر ظناً منهم أن السعر الباهظ دليل على جودة المنتج.
- عوامل تتعلق بالمستهلك نفسه. مدى رغبته بشراء السلعة، أو ما هو مدى حاجته لها، والبعض يبحث عن المنتج الذي يستطيع للوصول لمعلومات موثوقة عنه، ولا يرغب المنتجات الجديدة غير المعروفة.
- عوامل لا تتعلق لا بالمنتجات ولا المستهلكين بل تتعلق بعوامل خارجية. كوجود أزمة اقتصادية داخلية أو عالمية، فإن ذلك سيدفع المستهلك لاتخاذ قرار الشراء الذي قد يكون غير ناتج عن تفكير عقلاني في بعض الأحيان. بسبب دافع الخوف والهلع وهو ما سنتعمق بشرحه لاحقاً.
كيف يتغير سلوك المستهلك في الأزمات
بعد أن تعرفنا على العوامل التي تؤثر بشكل أو بآخر على قرار المستهلك عند الشراء وجدنا أن للأزمات أثر في ذلك، كيف؟
في الأوقات الاعتيادية تكون كل السلع متوفرة وبكثرة، بالإضافة للتنوع الكبير بالأنواع والأصناف. بالتالي تتواجد أمام المستهلك خيارات كثيرة، ولكن لكل قاعدة شواذ. ففي الأزمات تصبح الخيارات أقل والأنواع تقتصر على نوعين أو ثلاثة إضافة للارتفاع الكبير الذي تشهده الأسعار بالعموم. فلو خصصنا بالذكر الأزمة العالمية التي لاتزال تهيمن على العالم ألا وهي كوفيد19.
نجد أن المستهلكين وفي كل انحاء العالم اقتحموا المتاجر والأسواق وقاموا بشراء جميع أنواع السلع من كل الأصناف، وكان ذلك بدافع الخوف أولًا. وكان هذا الاقبال الكبير سبباً بارتفاع الاسعار بشكل كبير بالإضافة إلى حدوث ركود اقتصادي بسبب الحجر المنزلي العالمي.
بالتالي الوضع الاقتصادي العالمي لم يكن بخير، وبالتأكيد أثر ذلك على سلوك المستهلك. فبدلاً من أن يقوم بشراء ما يحتاجه فقط كما هو الحال في الاوقات الاعتيادية. اتجه نحو تخزين السلع بكميات كبيرة خوفاً منه أن يفقدها بسبب الأزمة أو أن ترتفع أسعارها. وقد يصل الأمر لمراحل مبالغ بها جداً وتؤثر بشكل سلبي على الآخرين الذين ليس بمقدورهم الشراء بكميات كبيرة.
أما على صعيد آخر فيما يتعلق بتغير سلوك المستهلك في الأزمات
فقد أثر الحجر الصحي والجلوس بالمنزل على المستهلك. من ناحية أخرى فبدلاً من ارتياده المطعم ليتناول وجباته المفضلة، أصبح يقوم بصنعها بنفسه. بالتالي انخفض الطلب على خدمات المطاعم بشكل كبير.
ومن جهة اخرى، فبدلاً من توجه المستهلكين نحو إقامة المشاريع والقيام باستثمار أموالهم اتجهوا نحو تخزينها خوفاً عليها من المجهول. فذلك المخزون يعتبر أمانا للمستهلك وذخيرة للمستقبل تساهم في سد احتياجاتهم إذا واجهوا ارتفاعاً جديداً للأسعار.
بالتالي نستطيع القول إن الأزمات تحرك تفكير الناس بشكل اقتصادي يدفعهم لتجنب إنفاق أموالهم بشكل عشوائي، والقيام بمخططات دقيقة في طريقة إنفاق المال. وذلك تبعا للمثل الشائع خبأ قرشك الأبيض ليومك الأسود.
في الختام هناك أمور عديدة يتعلمها المستهلك عند مواجهة الأزمات بكافة أشكالها، ومما لا شك فيك وجود بعض الأخطاء التي قد يقع فيها أيضاً. فقد يرى البعض أن اندفاعهم الكبير الغير مدروس نحو الشراء كان خطأ كبيراً. وقد يرى البعض الآخر أن تصرفاتهم كانت دقيقة محسوبة وفي مكانها.
لكن الأمر المهم هو أن الأزمات تقوم بجعلنا نكتشف أنماط جديدة من المستهلكين مع اختلاف حاجياتهم وأفكارهم. وبالتالي فإن انتهاء الأزمات سيكشف عن أفراد ومستهلكين يتمتعون بوعي أكبر ومسؤولية أكبر تجاه ما يواجههم. وأنت عزيزي القارئ أخبرنا تجربتك الشخصية مع الأزمات وكيف كان سلوكك، نرجو مشاركتك في التعليقات.