إفلاس البنوك | ما هو وما مصير أموال المودعين
كثيراً ما انتشرت ظاهرة إفلاس البنوك في الآونة الأخيرة وعلى وجه الخصوص بنوك لبنان ومصر. وإفلاس البنوك هو حالة شائعة في البلدان التي تعاني انهياراً اقتصادياً. منذ زمن ليس ببعيد لم يكن الناس يستأمنون لفكرة إيداع أموالهم في البنوك ويظنون أن بقائها (تحت البلاطة) سيكون آمناً أكثر. ولكن تغيرت المفاهيم وخاصة أن الأموال المجمدة تفقد قيمتها مع الزمن ومع انتشار البنوك بكافة أنواعها ومسمياتها. أصبح هناك إقبال على إيداع العملاء أموالهم في البنك رغبة منهم بالحصول على الأرباح أو ما تسمى الفائدة. وبالتالي تعم الأرباح على الجميع من المودع إلى البنك إلى العميل الذي يرغب بالاستفادة من خدمات ذلك البنك.
فكلما زاد عدد المودعين وكانت سمعت البنك طيبة، كلما زادت الأرباح وكبر رأس مال البنك وأصبحت المخاطر المهددة له أقل. وفي الحقيقة، لكل قاعدة شواذ فليس كل بنك آمناً وليس كل بنك خالٍ من المخاطر. والإفلاس هو من أكبر الأخطار التي يخشاها أي بنك. سنتعرف معاً على مفهوم افلاس البنوك وما هو أكثر من ذلك، فلتكن البداية.
مفهوم الإفلاس وإفلاس البنوك
الإفلاس عموماً هو إجراء قانوني يشمل شخصاً أو شركة ما غير قادة على سداد الديون المترتبة عليها. وتبدأ عملية الإفلاس بالتماس يقدمه المدينون بحق الشركة وهو الأكثر شيوعاً. أو التماس بالنيابة عن الدائنين وهو ما يحدث بشكل نادر. وعلى أثر ذاك الالتماس يتم تقييم جميع أصول المدين، ويمكن استخدام تلك الأصول لسداد جزء من الديون القائمة.
أما في حالة افلاس البنوك، فتكون عندما تكون غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه العملاء. من دائنين ومودعين، فتقف عاجزة والعملاء يطالبون بأموالهم. ذلك نتيجة الخسارة التي حققتها من الاستثمارات التي قامت بها ويحدث الإفلاس، حيث لم يعد لديها أصول سائلة بما يكفي للوفاء بما عليها من التزامات.
في الحقيقة، من المعروف عن آلية عمل البنوك أنها لا تحتفظ بالمال المودع لديها هكذا مجمداً دون أن تقوم بتشغيله واستثماره في مجالات مختلفة. مثال على ذلك الدخول في عمليات تجارية أو شراء وبيع الأراضي والعقارات، وقد يحدث وتنخفض القيمة السوقية لتلك الأصول إلى مستوى أقل من التزامات البنك. وبالتالي سيتعرض البنك لخسارة كبيرة، ولا يمكن لأحد التنبؤ بفشل أي بنك. فالأمر يعود لعدة عوامل كالانهيار الاقتصادي والفوضى المالية المترافقة مع موجة كبيرة من الفساد كما نشاهد في لبنان وغيرها.
ماذا يحصل عندما يتعرض بنك ما للإفلاس؟
في الواقع، عندما يواجه بنك ما إفلاساً فإنه يتوجه للبنوك الميسورة من أجل أن يقترض منها المال حتى يتمكن من الدفع لمودعيه. وإذا لم يستطع البنك الدفع للمودعين، في هذه الحالة تنشأ حالة من الذعر البنكي والخوف. وسرعان ما ينتشر الخبر ويتسارع المودعون لاستعادة أموالهم. ويؤثر ذلك على مقدار الأصول السائلة نتيجة سحب المودعين أموالهم بشكل عشوائي. وهذا الأمر يجعل الوضع أكثر سوءاً بالنسبة للبنك المتعثر. وقد يتأثر وضع البنوك السليمة أيضاً حيث أن انتشار الذعر يؤثر على كافة الشرائح حتى تلك التي لا تتعامل مع البنك المتعثر.
اقرأ أيضا : المنافسة الاحتكارية | التعريف والمفهوم
ماذا يفعل البنك في حالة حدوث ذلك؟
في حالة انتشار خبر التعثر، وتسارع المودعين لسحب أموالهم. سيضطر البنك إلى إيقاف عمليات السحب أو تحديد سقف معين يومي للسحب. كأن يسمح للمودع بسحب 100 دولار فقط في اليوم ولا يستطيع سحب مبلغ أكبر من ذلك، ومع استمرار التعثر سيتدخل البنك المركزي.
وهناك في كل بلد ما يدعى بالبنك المركزي وهو المسؤول الأول والأساسي عن عمل البنوك في البلد ككل. وهدفه هو حماية أموال المودعين، ويحرص على منع البنوك من القيام بأي نشاط قد يضر بأموال المدعين أو يعرضها للخطر.
ولكن إذا وقع الأمر وواجه بنك ما تعثراً فيقوم البنك المركزي بأخذ زمام الأمور. ويوّلي إدراة البنك البنك المتعثر إلى بنك آخر سليم ذو سمعة جيدة في السوق ويسمى (البنك المعبري أو الجسري). ويقوم بوضع يده على أملاك البنك واستثماراته ويعيد تشغيله بالإمكانيات المتاحة. مما سيهدأ من حالة الخوف المنتشرة بين المودعين، وبالتالي سيخفف من العبئ على البنوك الأخرى التي تخشى على نفسها من حالة الذعر البنكي. إلى أن يتم العثور على مشترٍ لذلك البنك، أو يتم تصفية الأصول التي يملكها لو لم يجدوا مشترياً. وغالباً ما يقوم بشرائه البنك الآخر الذي استلم إدارته، وفي هذه الحالة العادية لن يفقد المودعون مزاياهم من الوصول لأموالهم عن طريق بطاقات السحب الآلي. وحتى إذا تم بيع البنك لبنك آخر سيصبح أصحاب الحسابات عملاء للبنك الآخر بشكل تلقائي ويتم منحهم دفاتر شيكات وبطاقات جديدة في الغالب.
أما إذا لم يتقدم أحد لشرائه فسيتم تصفية وبيع أصول البنك المتعثر وجمع المبلغ الناتج وتوزيعه على المودعين والدائنين. كلٌ بحسب وضعه حسابه في البنك ووفق نسب معينة.
مثال على حالة افلاس البنوك:
خلال الأزمة المالية التي حدثت في أمريكا عام 2007-2008 حدث أكبر فشل مصرفي في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية عندما قامت واشنطن ميوتشوال بإغلاق أبوباها مع عجز بما يقارب ال 307 مليار دولار. ومنذ قرابة العام حدث فشل مالي كبير أيضاً عندما تم الاستيلاء على بنك آندي ماك. وكان ثاني أكبر حالة إفلاس بنكي تواجهه أمريكا في عام 1984 بعجز قُدر ب 34 مليار دولار.
في الحقيقة، تعتبر حالة إفلاس البنوك في العموم ظاهرة طبيعية تواجه جميع البنوك وفي مختلف أنحاء العالم. لذلك احرص عزيزي القارئ أن تودع أموالك في بنوك تخضع لتأمين البنك المركزي فذلك سيساعدك بشكل كبير على استرداد جزء كبير من أموالك في حال واجه البنك حالة إفلاس وتعثر. بالإضافة لذلك لا تضع أموالك كلها في بنك واحد على مبدأ لا تضع البيض كله في سلة واحدة.
نتمنى للجميع الأمان والسلامة لأموالهم واستثمارات ناجحة على الدوام.
[…] اقرأ أيضا: إفلاس البنوك | ما هو وما مصير أموال المودعين […]